ali shahin Human Being
عدد المساهمات : 1665 تاريخ التسجيل : 13/03/2008
| موضوع: طالوت ملكاً الجمعة يوليو 29, 2011 2:54 pm | |
|
فعلوت أو فعللوت .. وزنٌ من الأوزان التي لا طاقة للسان العرب بها .. فلسان فعلوت لسانٌ أعجمي وهذا لسانٌ عربيٌ مبين .. تقدس طالوت المذكور في قرآن ربنا .. كإخوانه ملكوت وجبروت . إنه سايل عند السريان ,, وساول بن قيس عند العبران .. وطالوت في القرآن .. هو طالوت الملك .. من رعى الغنم فتعلم فذهب ليكون ملكاً على أمم .. طويل القام .. السيد المكلل بالجلال والإحتشام .. الصابر على قومه .. من أول يومه .. هو من بعد موسى ملكاً على بني إسرائيل .. ودوماً بني إسرائيل بحاجة إلى معجزة .. وكان التابوت فيه مما ترك آل موسى وآل هارون .. فلما وقع بعد موسى بيد أعداء بني إسرائيل .. تحسروا وانفطروا .. وكعادتهم طلبوا من السيد الجليل طالوت معجزةً حتى يقروا له بالملك .. فما ظهر ملِكٌ من عند الله ولا نبي إلا وقال قومه نحن أحق بالملك والنبوة منه . عادة الشعوب الدهشة والنكران عند حضور الآن إلا من عصم الرحمن . ودوماً إلا قليل .. وما يقابله غير الصبر الجميل . عزم بنو إسرائيل على القتال لأجل ديارهم وأبناءهم ولو أنهم قاتلوا طاعة لأمر ربهم لنالوا مرادهم ودانت دولتهم وكانت الغلبة لهم . لما سألوا نبيهم ( شميل / صمويل ) أن يدعو ربه أن يأتيهم بملك يقاتلون معه .. كان إختيار السماء " طالوت " .. ولننظر بعين السر وصون الأمر إلى الملك طالوت : هو الملك طويل النجاد رفيع العماد " طالوت " . إذا سار مع الطوال كان أطولهم ,, وإذا صاحب أهل الجمال كان أجملهم .. الزائد على الخلق بسطة في العلم والجسم .. مقدماً علمه على جسمه تقديم مخدومٍ على خدمٍ . بطلٌ إذا ركب الخيول تفاخرت ,, وإن امتطاها للحروب تطايرت ,, فتسارعت للأرض تنهب سهلها وجبالها ,, تلوي على سبق الرياح بظلها . قاهر الأعداء ,, صاحب نهر البلاء . المجلل المهاب ,, عالي الجناب .. العليم بفنون القتال والحراب . إنهُ طالوت الملك . والدنيا نهره .. فنهر طالوت نهر إختبار .. فمن أخذ منه غرفةً بيده نجا .. ومن عبَّ وصبَّ ونهم كان منهم وليس مني .. فمن لم يطعمه فإنه مني . على الجهة الآخرى يقف جالوت ( أعداء السماء ) ملك العمالقة النهَّاب السالب الآسر الفاجر المفاخر .. الذي لا يرى لشيءٍ حرمة .. ولا يصون لذمة . جيوش جالوت على مد البصر تدك بأقدامها الأرض دكاً .. يتداعى صداها إلى مسامع حافة النهر حيث يشرب من يشرب ويغترف من يغترف .. وكان ضمن الجنود الصابرين على العطش .. بطلٌ سماويٌ آخر .. هو نبي الله داود .. قاتل جالوت . انظروا لما أراد طالوت الملك المختار أن يختار جيشاً كيف أنه نادى فيهم : لا يخرج معي من بَنَى بناءً لم يفرغ منه . ولا من تزّوج امرأة لم يدخل بها . ولا صاحب زرع لم يحصده . ولا صاحب تجارة لم يرحل بها . ولا من له أو عليه دين . ولا كبير ، ولا عليل . طالوت المختار من اصطفاه الله فأراد أن يصطفى من خلق الله من همو أهلٌ لذلك حتى وإن كانوا قليل . فخرج بالفئة القليلة ( إلا قليل ) التي تغلب الفئة الكثيرة .. وإن أعجب الناس كثرتهم .. أراد طالوت الملك المختار أن يبدأ جنوده بالجهاد الأكبر ( جهاد النفس ) ليهون في أعينهم الجهاد الأصغر ( جهاد الأعداء ) عند حربه على ملك العماليق جالوت . طالوت يعلم أن الأمر يحتاج إلى سلاح .. فالأمر حدوده المباح .. وهي الحرب على النفس والدنيا .. والصبر على الطاعة أعلى مقاماً من الطاعة .. امتحن الله قوم طالوت بالنهر .. كما امتحن قوم فرعون بالآيات الخمس .. فمنهم من شرب شرب الهيم ,, ومنهم من اغترف غرفة بيده ... ومنهم من حرم الشرب على نفسه . لا حاجة لطالوت بركوب جواده .. والسير بين جنوده .. وإلقاء خطبة الحرب ليلهب حماسهم .. فالنهر صفاهم وخلاهم وحلاهم .. فمن استعصم فإنه مني .. رجلٌ بألف .. مرت عليهم لحظات في فلوات الإمتحان والمحنة .. فصبروا .. فكانت المنحة . سَكينة بني إسرائيل في تابوتهم ... الخارق للعادة .. الطائر في السماء بحمل ملائكة العلياء . وسَكينة آل محمدٍ في قلوبهم .. ليثبتهم على أعدائهم .. ويشرفهم بسرمدية سكينتهم . ودانت لجيش طالوت الغلبة بلا جلبة ولا ضجيج .. إنهم جند الله .. من عبر النهر وصان الأمر .. وقالوا لما سمعنا أطعنا .. إنا مقاتلون .. نحن أدرى بأن لدروب الحرب فنون . فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت . هذه صفحة من ملامح النور المتجلية في القرآن رجالاً وركباناً . سافرنا فيها على استحياء من إتيان التابوت وتمليك طالوت ، إلى انهزام الجبابرة أصحاب جالوت . فسبحان الحي الذي لا يموت . وصلاة وسلاماً على من سكينه الذين معه في قلوبهم وعلى آله وصحبه وسلم . --------------------------------------------------- اللوحة للفنان الفرنسي : جوستاف دوريه | |
|