بسم الله .. كان ولا شيء معه
والصلاة والسلام على خير من سجد وعبد وحمد .. وبعد
فإن بحثنا في علة السجود ... فعلينا أن بحث فيمن أبى السجود ..
إنه ابليس ...
محل ظهور القهر الإلهي .. ونقول المكر الإلهي .. فالله خير الماكرين ....
ولإبليس من المكر نصيب .. يمكر بالناس لأنه مُكر به .. فغوى ... ولنأخذ مثالا على مكره .... وهو ما يسمى بتفاضل الأعمال .. ومثاله أن يأتي إبليس
العبد وهو في عمل كقراءة القرآن مثلا .. فيأتيه فيقول هلا حججت بيت الله
الحرام .. فتقرأ في طريقك القرآن فتجمع بين خيرين .. فما أن يسافر العبد
حتى يأتيه فيقول أنت الآن مسافر وليس عليك قراءة .. فيترك القراءة ..
وإبليس
له من المظاهر على قدر الأسماء الإلهية فإن كانت تسعٌ وتسعون اسما فله
منها تسعٌ وتسعون مظهراً .. غير أن أهم هذه المظاهرة هي في سبع فمنها ما
نوهنا عليه وهو ما نسمية التفاضل بين الأعمال ، والدنيا وما بنيت عليه من
العناصر والأفلاك وغيرها ، والطبيعة والشهوات واللذات ، و العجب من الصنع
الحسن ، و الغواية بالعلم وهي للعلماء دون غيرهم ، و الميل إلى الراحة
والطبع ، و المعارف الإلهية وهي للصديقين والأولياء .. إلا من رحم ربي ..
ومن أدواته الغفلة والرياسة والجهل والأشعار والأمثال والخمور والنساء ...
وللنظر للأمر : " اسجدوا " .. وللتلبية : "فسجدوا ".. نجد أن الفاء هنا للسرعة في الإستجابة .. أما المستثنى فما سجد .. وما كان له أن يسجد . وعصيانه مكتوب أزلا ..
والإستئناء نوعين لا ثالث لهما .. إما استثناء منقطع أو استثناء متصل ... أما المنقطع فمنه قوله تعالى : " { لاَ تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُمْ بالباطل إِلاَّ أَن تَكُونَ تجارة } وقوله جل وعلا : " { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الاولى } وقوله سبحانه : " { مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئْاً} ....
فإن كان الإستثناء في آية الأمر بالسجود منقطعا ما كان إبليس من الملائكة .
أما الإستثناء المتصل .. مثال أن نقول : " أكلت التفاح إلا تفاحة أو إلا واحدة ...
فإن كان الإستثناء ( إلا ابليس )متصلا كان إبليس من الملائكة ..
ولا يضيره قوله تعالى : " كان من الجن " ..
ونقول بالرأي القائل بأن الملائكة والجن من مادة واحدة فهما متحدا المادة بالجنس وأما اختلافهما فبالعوارض ( النور والنار ) ...
وللجمع بين الأقوال فيمكننا عد ابليس ملك أو جن أو شيطان والله أعلم بحقيقة حاله .
وتابع معنا حوار الهمزة والألف في هذا المشهد الأهم ....
يقول إبليس أَأَ .. سْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً.. الألفان المفتوحتان هما صاحبتا أأدم
اللتان لازمتاه في أول اسمه .. فاضغمت لتصير آدم .. وكأنه بأول نطقه نراه
رافضا لهذه المنحة الإلهية لآدم .. فهمزتاه مفتوحتان متجهتان إلى السماء
... ثم إنه أبى ( رفض بالإختيار ) وأبى همزتها مفتوحة ... أما إبليس فهمزته ( المنطوقة ) مسفلة مكسورة أرضية ...
فقيل له أَسْتَكْبَرْتَ .. همزتها مفتوحة .. هو حوار بين المفتوح الناظر إلى السماء .. والمكسور المقدر له التسفيل والهبوط .
ولما ناداه الحق بابليس عرف بأنه طرد فلم يكن هذا اسمه بل كان اسمه عزازيل ...
وابليس
إن كان اسما أعجميا فممنوع من الصرف لأنه علم ولأنه معجم ووزنه فعليل وإن
كان عربياً فهو مشتق من الإبلاس وهو الإبعاد من الخير أو اليأس من رحمة
الله تعالى ، ووزنه على هذا مفعيل ، ومنعه من الصرف حينئذٍ لكونه لا نظير
له في الأسماء أو لأنه شبيه بالأسماء الأعجمية إذ لم يسم به أحد من العرب .
وللمذاكرة في علة السجود هنا نرى أن الملائكة عجزوا عن المخالفة وأن إبليس عجز عن الموافقة .. لنعود للإرادة والمشيئة الإلهية .... ولنا هنا كلام لا طاقة لنا بقوله الآن...
وقالوا أن أول من سجد من الملائكة جبرائيل وقيل إسرافيل ..
وهنا أبى أبو الجن أن يسجد لأبي البشر .. !!!!!!